طاعون الموت الأسود .. وباء الماضي المخيف يبوح بأسراره في دراسة جديدة.

#هاش_سودان-وكالات عالمية.

يدين عالم اليوم لمسيرة البحث العلمي بالكثير، فلها يرجع الفضل في وجود جميع ما يحيط بالإنسان من إنجازات، وفرت له الوقت والجهد والمال، وغيرت ولا تزال تغير حياته للأفضل على جميع المستويات، وفي سبيل مزيد من التطور وتحقيق الرفاهية للجنس البشري، لا يكتفي العلماء بالبحث الدؤوب عن حلول لمشكلات آنية، بل يعودون للتنقيب في أسرار الماضي إيمانا منهم بتراكمية العلم وتكامل اكتشافاته عبر الزمن.

قتل الطاعون الذي كان يطلق عليه “الموت الأسود”، نصف سكان القارة الأوروبية في العصور الوسطى، وتحديدا في القرن الرابع عشر خلال سبع سنوات، مغيرا مجرى التاريخ الإنساني.

وأوضحت دراسة علمية جديدة نشرتها مجلة “نيتشر” أمس الأربعاء، أن هناك عوامل كثيرة تحدد من يموت متأثرًا بالطاعون الذي يعد أكبر كارثة صحية سجلت في التاريخ ومن ينجو منه، وأن تحليل الحمض النووي للضحايا والناجين حدد الفوارق الجينية التي ساعدت بعض الناس على النجاة.

وتشكل هذه الفوارق الجينية أنظمة المناعة لدى البشر اليوم، فالجينات التي كانت تحمي من الطاعون قديما، لها علاقة بمدى قابلية الإصابة بأمراض المناعة الذاتية الآن مثل مرض كرونز والتهاب المفاصل الروماتيزمي.

ويقول لويس باريرو وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، أن البشر الآن هم سلالة الناجين من الأوبئة في الماضي، وقد تبين أن آليات التطور التي ساهمت في نجاة البشر الحاليين ليست مهمة من وجهة النظر العلمية فقط، بل إنها توضح أيضا الآليات والمحددات الجينية المتعلقة بإمكانية الإصابة بالأمراض اليوم.

بم تخبرنا عينات ضحايا طاعون الموت الأسود؟

وتركز الدراسة التي امتدت لسبع سنوات، وتضمنت الحمض النووي المستخلص من ثلاث مجموعات من الهياكل العظمية المكتشفة في لندن والدنمارك، على ضحايا طاعون الذين ماتوا قبل الموت الأسود وأولئك الذين ماتوا بعد فترة تتراوح بين 10 و100 عام بعد اجتياح الوباء لأوروبا.

وأُخذت 300 عينة من لندن، المدينة التي ضربها الطاعون بشدة، ومنها عينات من بقايا الجثث المدفونة في مقابر الطاعون في “إيست سميثفيلد”، التي خصصت للدفن الجماعي لموتى الجائحة خلال فترة ذروتها بين عامي 1348 و1349، وأُخذت عينات أخرى من بقايا بشرية مدفونة في خمسة مواقع في الدنمارك.

واستُخلص الحمض النووي من جذور أسنان الموتى، وتحقق الباحثون من وجود بكتريا “يرسينا بستس” المسببة للطاعون، وبحثوا عن أدلة تثبت التكيف الجيني مع المرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.