و رسالة (واتساب) تأتي من رقم خارج السودان تقول العربة موجودة لدي جماعة وما نحن الا فاعلي خير والطرف الآخر يكتب من انت؟ وأين أجد العربة المسروقة و (الواتساب) يصمت . و رقم يُرسل بعد ثوان بلا إسم متبوعاً بجملة (اتصل على الزول ده) إنتهت مهمة (واتساب) الرقم الخارجي ..!
هلو …هلو السلام عليكم . ياخي عندنا (عربية) مسروقة و شخص أعطاني هذا الرقم ! يصمت الطرف الآخر ثم يعاود المتصل هلو ..هلو يا اخينا ما قلت ليك عندنا… ولم يتركه ليكمل حديثه . ايوه أيوه تقصد العربة كذا موديل كذا رقم اللوحة كذا ؟ و المتصل (المنكوب) يكاد يطير فرحاً وهو يستمع لأوصاف عربته المسروقه ! والسارق (او مندوب) السارق يتلذذ بالحديث ويقول نعم إنها موجودة لدي جماعة نعرفهم ودعني (اشوفهم وارجع ليك) .
و المحادثة اللاحقة تحدد المبلغ الملياري المطلوب وصاحب الحق يفاوض على حر ماله على تخفيض (الديّه) !
والقصة إن وجدت (سينياريست) بارع و مخرج لكان (الفلم) مشوق ومن ثلاثين حلقة . ولكن إن إضطلعت الجهات الامنية بعملها (مظبوط) فقد تختصر لحلقة واحدة فقط (حرامي وقبضوه) .
والشغل (برأيي) هو فى نقاط الارتكاز وحملات المرور ونقاط التفتيش والشغل هو فى التدقيق ليس على ما ينتعله السائق بل على صحة مستندات و ملكية العربة والشغل هو فى تشريع جديد وعاجل لا يسمح لغير مالك العربة بقيادتها إلا بتفويض معتمد من المرور . و الشغل هو عند من يسهرون الليالي على سطوح الكباري والمعابر ونقاط الارتكاز . فزوار الليل عادة ما يعبرونها فجراً .
والقصة ان السارق المجهول يقبل أن يُخفض المبلغ ! و السارق هو من يحدد مكان الاستلام و يشترط ان لا يتجاوز عدد (ناس سد المال) الشخصين فقط وصاحب العربة المسروقة يقبل . والتسليم يتم فى محلية ! والعربة رهينة بمحلية أخري ومن إستلم (الكاش) كانا شخصان احدهما يحتضن المبلغ والاخر يذكره بالامانة والصدق فى التعامل ! ويحثه ان يسارع بتسليم العربة لصاحبها !فالحرامي لدينا (صادق) وإن سرق !
و الواعظ و هو يُحدث عن الصدق والامانة يُجري اتصالاً بجهة ما . و الكلام كان مغتضباً والكلام فى مجمله هو
(ايوه إستلمنا) !
والجهة الاخري تقول للواعظ بلغهم ان العربة موجوده فى ( ….. ) و يحدد المنطقة والمكان والشارع) و على مسافة ساعتين بالسيارة وكله داخل ولاية الجزيرة كانت العربة تنتظر ! ليس بجوارها احد (تستاك) بمفتاحها . ومن يراقب هو قصب الحواشات ! والقصب لا يتنفس ولا يكح .
الم أقل لكم إن اللص بالسودان لا يكذب !
و العربة العائدة لحضن مالكها عادت عرجاء و حوراء ومنتهكة الآدمية كسائر العربات .
والبلاغ المدون بمضابط الشرطة منذ اليوم الاول (طلع فالصو) وما أقوله بدليل ! والدليل هو ان العربة وهى العائدة لم تستوقفها أياً من نقاط التفتيش التى مرت بها مع أنها مُعمم عن فقدها ! فأين ذهب البلاغ إذاً ؟
والقصة ليست من نسج الخيال بل واقعاً عاشته إحدي قري الجزيرة ومن ذوي القربي من الدرجة الاولي .
وما اردت قوله هو ان جرائم (السالف) والتى سبق ان كتبنا عنها لوزير داخلية سابق ما زالت مستفحلة و من يُسأل عنها هو من يحرس الوطن ليلاً اين هم واين الرقابة على (اتيام) الليل ! واين شرطة السواري والمباحث ولماذا غاب السؤال عن (ترخيص) العربة واصبح التركيز على رخصة السائق وماذا ينتعل من حذاء ؟ ومن يتواجدون بالكباري والمعابر ليلاً من القوات المشركة
(امن ، شرطة ، مخابرات ، حرس حدود)
اين دورهم فى تدقيق وفحص (دواب الليل) ؟
والقصة نعلم ان ليس المعني بها وزارة الداخلية وحدها بل جهات اخري ذات علاقة بالامن ولكن الدور يتكامل بجهد و تنسيق الجميع .
ودور المواطن يظل ضعيفا و معذوراً فيه فإن آنس من الجهات المعنية إهتماماً وهمّه لتعاون معها ولكن بعد ان يراجع تحرير البلاغ و يمل من تكرار جُملة (لسّه والله ما ظهرت حاجة)
فهذا ما يجعله يقبل بمثل هذا الابتزاز و يرضي بمبدأ (المال تلتو ولا كتلتو) !
ويظل المجرم فى مأمن من ان تطاله يد العدالة .
الشغل (برأيي) هو شغل مباحث وامن لا تقييد للبلاغات فقط و إنتظار توبة السارق او نخوة الخيرين فالشغل (الصاح) يكمن فى الخطط المدروسة و الحملات المنعية المباغته و بسط هيبة الدولة والامر ليس مستحيلاً إذا توفرت الارادة وعزم الرجال .
(مسروق يترجي سارقه ! فأين الدولة) ؟
رحم الله الشهيد الزبير محمد صالح فقد قطع دابرهم ! قبل ان يعودوا مرة أخري.