الكورونا المتحورة وتلك غير المتحورة التي شاءت ارادة الله ان تجعلها وباء ينتشر في كل بقاع الدنيا ويرعب البشر وينهكهم جسديا ونفسيا ويملأ نفوسهم رعبا وحزنا ولا نجاة منها لمن دنا أجلهم واقترب فراقهم عاجلا أو آجلا غير انها في هذه المرة كانت الفاجعة مأساوية عندما أصابت الكورونا الأسرة المكونة من الزوج طه سيد أحمد وزوجته وأسفرت عن وفاة الزوجين معا ليتركا وراءها بنتين تكابدان مرارة فراق الوالدين وقساوة العيش بدونها .
نعم تلك كانت واحدة من فواجع الكورونا التي تجرعها الكثيرون حزنا وألما وبكاء لكنها هذه المرة كانت الأشد مأساة عندما كانا ضحاياها هما الأب والأم وهما من خيار الناس وزاد من الحسرة تركهما لبنتين في مقتبل العمر ليجدا نفسيهما إلى الأبد بدون الوالد طه الذي يحكي في الدين والوالدة التي تعطف وتطعم بينما كانتا البنتان في أمس الحاجة لوجودهما والديهما معهما لكنه القدر جاء بالكورونا لتخطف الوالدين بغتة .
وفي الحقيقة قبل تعرضهما للاصابة أحاط الزوج وزوجته نفسيهما بإجراءات صارمة اتقاء لشر الكورونا فكانا بمنأى عن الاختلاط بالناس فالمرحوم طه كان أصلا يعاني من متاعب صحية أقعدته عن الحركة لشهور عديدة وبالتالي كان من غير المتاح له ان يخرج من منزله حتى يختلط بالناس أو مجرد حتى يراهم بينما اتخذت بنتاه كل ما يلزم من إجراءات الوقاية و بالصرامة القاسية سعيا منهما اذ كان كل اهتمامها يركز على شيء واحد هو حماية الوالد المصاب بالشلل لكنها تلك كانت إرادة الله الغالب التي مكنت الكورونا من أن تتسلل رغم إجراءات الوقاية لتصيب الأب والأم فكان المصاب جلل وفقدهما عظيم .
غير أن ما يلفت الانتباه من وسط تلك الأحزان التضحية التي لا مثيل لها في عالم اليوم حيث أن الناس جميعا في حالة فرار عندما تكون الكورونا هي مصدر الإصابة لكن ما يلفت الانتباه ويخفف مكابدة الحزن على الأسرة التي فقدت الوالدين في ذلك الواقع المأساوي وقوف الأم إلى جانب زوجها طه بالرغم من الأخطار المترتبة على الإصابة بالكورونا بالنسبة للمخالطين لكن ذلك لم يكن كافيا لتبتعد الزوجة عن زوجها فأصرت على ان تكون الى جواره حتى في أحلك الظروف الصحية .
وعندما نقل إلى العناية المركزة كانت هي الى جواره واكتفت بالإجراءات الوقائية لكن تلك لم تكن كافية لمنع قضاء الله حيث وجدت نفسها تعيش مأساة المرض وتقاسي نفس متاعبه وعندما توفي زوجها لم تكن على علم بذلك أبدا وبانها ضحت بحياتها من أجله كما هو أيضا لم يكن يعلم بمرض شريكة حياته ووفاتها بسببها تضحيتها من أجلة لكن الله أكرمهما ليواريا في قبرين في مقبرة واحدة .