زهير السراج
مناظير
* استخدمت جماعة الإسلام السياسي في السودان الدين و الخطاب العاطفي كمطية للوصول إلى اهدافها في الإقصاء والتمكين ونشر سموم العنصرية فى المجتمع السوداني المتجانس المتنوع، لكن وقائع الأحداث تعمل بشكل مستمر على كشف الأقنعة عن هذه الجماعة وتُظهر وجهها الحقيقي وبعدها من الدين والشعارات التي ترفعها لدغدغة المشاعر واستعطاف الناس.
* دونما مراعاة للكرامة الإنسانية ولحرمة الدين الحنيف ولشهر رمضان المعظم، وعبر بث تلفزيوني مباشر من تلفزيون السودان استمع اليه الكثيرون ونشرته وكالة السودان للأنباء على موقعها قبل ان تحجبه لاحقا، وانتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعى ، سب احد محامى هيئة الدفاع عن مدبرى انقلاب يونيو 1989 الدين الحنيف وتبعه بوصف عنصري لمدير هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق (لقمان احمد محمد)، كشف للعالم هوس وخداع وتدثر هؤلاء بالدين وهم ابعد منه، ممثلين فى المحامى (محمد شوكت) وصاحبه الذى كان يستمع له ضاحكا ولم يتدخل لنصحه او ايقافه عن ما هو فيه، ولم ينكر عليه الا قلة قليلة جدا من (جماعته) لاحقا سب الدين وهى كبيرة قد تخرج عن الملة، وقد افاض العلماء الربانيون كثيرا فى ذلك ولا اريد الخوض فيه.
* ولم تكن واقعة سب الدين والعنصرية التي اقترفها المحامي (شوكت) بمشاركة زميله وصمت جماعته معزولة عن غيرها بل هى امتداد لوقائع كثيرة وثقافة متأصلة في جماعة المؤتمر الوطني، ولعل الشعب السوداني يذكر خطاب المعزول (عمر البشير) امام حشد من أنصاره في ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض في العام 2018، حين قال: “سفيرة بريطانية عندنا هنا لما جات مودعة مع نهاية فترة عملها بالسودان، وبدل تقول كلام كويس، دايرة تديني تعليمات، فصرفت ليها بركاوي صاح، خليتها تندم على اليوم الامها جابتو فيها ذاتو”، وصرف البركاوي حسب القصة المعروفة في التراث الشعبي السوداني هو (سب الدين) والعياذ بالله.
* وليس غريبا ان يكون هذا سلوكهم الذى يتسم بالعنصرية والاستعلاء وهم الذين وصفوا مواطني دولة كاملة بالحشرات، وما تفوه به رأسهم المخلوع وبشهادة شيخه انه “يعتبر اغتصاب غرباوية من جعلي شرفا” حسب فهمه وتربيته رغم ادعائه انهم استولوا على الحكم فى البلاد لانفاذ الشريعة الاسلامية وحكم الله، فهل حكم الله هو الاستهتار بخلق الله ومعايرتهم باجناسهم والوانهم؟!
* نعم، لم استغرب ما بدر من هؤلاء، ولكن الذي لم اكن اتوقعه ان تنكر هيئة الدفاع عن المتهمين الواقعة في محاولة يائسة لحجب الشمس في رابعة النهار، فضلا عن صمت من يدعون أنهم (علماء المسلمين) الذين لم يتفوه أحدهم بكلمة لادانة سب الدين، ولم يكن غريبا ان يسكتوا عن ادانة العنصرية بالطبع، فلقد صمتوا عن ذلك خلال فترة الابادة الجماعية التي جرت في دارفور والنيل الازرق لم يصدر عنهم بيان واحد يدينون فيه القتل والاغتصاب والتهجير، ولكنهم خرجوا في مظاهرات تأييد للقاتل وإصدار الفتاوى لحمايته وتأييده، ولن يكذب حدسي في اننا لن نرى أبدا فى مساجد السودان تلك الدموع التي روت جنبات منابر الجمعة في فى مناسبات اخرى لا ترقى لمستوى سب الدين والتفوه بعبارات عنصرية تثير الفتنة والاحتراب بين الناس!
* ان من حسنات الجريمة التي ارتكبها محامى النظام المباد والتي عبرَّت بصدق عن المشروع العنصري البغيض الذي فتت التراب السوداني وهتك النسيج الاجتماعي، انها نبهت الشعب السوداني الى خطورة هذه الشرذمة واهمية مقاومتها بكل الوسائل السلمية وعزلها عن السلطة والمجتمع، وحمايته من شرورها ومخاطرها، فالعبارات العنصرية التى تلفظ بها المحامى (شوكت) لا تعبر عنه فقط وانما تعكس نظرة حزبهم وجماعتهم بأكملها الى الذين يشاركونهم فى الوطن .
* ان مهمة كل غيور على تراب هذا الوطن وحماية نسيجه الاجتماعي والثقافي، ان نستثمر في تنوعنا ونعمل على ادارته بتعاون وثيق يكفيه شر العنصرية والعنصرييين وصولا الى دولة المواطنة المتساوية التي تصون كرامة الانسان(انتهى) .
* كان ذلك ما كتبه الاستاذ (حسن ابراهيم فضل)، ولا بد لنا كما قال، ان نستخدم كل الوسائل السلمية لمقاومة النظام البائد وجماعته العنصرية البغيضة، وعزلهم عن المجتمع ومطاردتهم وفضحهم فى كل مكان، بالاضافة الى مقاومة العنصرية واستغلال الدين وغيره من وسائل التشظية والتفريق، حتى نصل الى مجتمع متنوع موحد ودولة مدنية ديمقراطية، تكون فيها المواطنة أساس الحقوق والواجبات، وليس اللون والنوع والجنس والعنصر والعقيدة !